كوني أنت؛ ثقي بنفسك وارتقي بها / الجمال

11001467_10152539007461256_1673122115_o

كوني أنت؛ ثقي بنفسك و ارتقي بها

#تلخيص_اللقاءات

((الجمال))

كعادتها كل صباح، تتوجّه نحو المرآة لترى انعكاسها،

تتبع عيناها أطراف جسدها، لترى امتاد خطوطه،

أبعد مما ينبغي; تتجهّم،

أو أقرب مما سبق، فتبتسم.

كانت تلك الكيلوغرامات هي ما تحكم يومها و كيانها ..

من هنا، كان للمرأة قبل المجتمع.. أن يكون أول ما يخطر ببالها عندما تُذكَر هو جمالها.

في كل لغات التّعبير، من غناء و شعر و رسم، لم يذكر جمال أي شيء ما بقدر جمال المرأة. نرى صورها تجتاح شوارعنا و محلاتنا، نراها في معظم الدعايات، نراها في كل المجلات… أينما ذهبنا سنجد المرأة الساحرة بانتظارنا…

هو بداية كل فتاة، شعر أملس، عينان واسعتان ، ملابس مثيرة ، ألوان و ابتهاج… حلم يبدأ منذ الطفولة: حلم الجمال.

و لأنه يأخذ حديث العالم، كان أول طرح لنا في سلسلة “كوني أنت” هو جمال المرأة.

في البداية قمنا بسرد المصطلحات التي ذكرت في القرآن عن الجمال حيث تضمّنت “الجمال، و الحسن والزينة و التّسوية “

ما كان ملفتا أن كلمة الجمال لم تُذكر مرّة في وصف المرأة .. مع اختلاف استخدامها في المجتمع،

حيث كان الحسن: بعض جمال الشّيء، أما الزّينة فوردت لتكون عنصر جمالي غير ممتزج بكينونة الشيء، و التّسوية اقترنت بالعطاء الإلهي في تمام جمال الظاهر مع الباطن.

ثم ابتدأنا الجلسة بسؤال بسيط:

ما هو الجمال؟ لتقودنا التساؤلات، أيهما يؤثر على حكمنا، الجمال الداخلي أم الخارجي؟

وكان الانقسام الأكبر بيننا هنا، فمنا من آثر أن الجمال الداخلي قادر على أن يطغى على الخارجي، و منا من قال أن تأثير الحكم المسبق على الجمال الخارجي لا يمكن أن نخلص منه.

فانتقلنا لسؤال: إذا أدركنا قيمة الجمال الداخلي، هل يمكننا فعلا أن نوجه أنفسنا لنركز عليه؟ و نهمّش الجمال الخارجي ؟

اجماعا، كان الرأي أنه يمكن ذلك مع التعويد و لكنه قد لا يخلّص المرء من تأثير الجمال الخارجي تماما.

هنا نقول : أيهما يجب العناية به و تطويره كأولويّة ؟

البعض رأى أن الجمال الداخلي سيطغى على الخارجي تماما بعد تجواز الحكم المسبق، فتطوير الداخلي سيقود حتما إلى تأثّر الخارجي بالجمال مهما كان، إذا فوجب تطوير الدّاخلي.

و البعض الآخر رأى أن الجمال الخارجي بقدر أهميّة الدّاخلي و يجب تطويره و المحافظة عليه أيضا، لأن تأثيره لا يمكن التخلّص منه تماما، لكن يجب أن لا يلهينا اهتمامنا بالقشرة عما بالدّاخل، و هو الأهم. و هنا يتجلّى مفهوم “التّسوية ” في القرآن الكريم.

تباعا، تم عرض قصة ” أبشع امرأة في العالم “، ذات الشّخصية الباهرة … فمنا من قال أنها ما زالت تحت معايير الجمال الخارجي، و منا من قال أنه لا يمكن وضع حكم الجمال الخارجي عليها، و منا من صرّح برؤيته للجمال فيها بحكم جمال روحها.

فكانت النّتيجة في آخر سؤال: هل بإمكاننا الانفصال تماما عن الجمال الخارجي؟

المعظم اتّفق على النفي، مشيرين أن في ذلك نوعا من المثاليّة، بينما كانت هناك فئة قليلة صرحت ب”نعم” متبعة ذلك بتجربتها الشّخصية، حيث عوّدت نفسها أن لا تعطي أي اهتمام للشكل الخارجي في أي تعامل و ترك الباب للصّورة الداخليّة أن تتجسّد. حتّى هذه الفئة صرّحت جازمة بمدى صعوبتها.

و أتى بنا الحديث إلى السؤال التالي، من الذي يضع معايير الجمال؟ هل الجمال أمر فطري أم أنه مصطنع ثقافي؟

تم طرح أجوبة علميّة بيولوجية و نفسية، نذكر هنا بعض منها :

– في علم النفس، و حسب نظرية التّطور، فمعايير الجمال للرجل هي الصحة و الخصوبة، فكلما كان جسد المرآة يعبر عن هاذين العاملين، كلما رآها أجمل.

تطرأنا هنا للحديث عن هرمون الأستروجين (هرمون الأنوثة)، وهو الهرمون المسؤول عن خصوبة المرأة، و عن عدة وظائف أخرى متعلقة في شكل المرأة، فالإستروجين مسؤول عن تثبيط إنتاج العظم، مما يوقف مثلا عظام الفك من التكون بشكل كامل، معطيا شكلا لين للوجه، كما و يزيد الأستروجين التباين بين لون الجلد و لون الشفتان معطيا إياهم لونا أزهر(ولهذا السبب تضع النساء الحمرا)، و يزيد الاستروجين تجمّع الدهون في الورك و هو ما تحتاجه المرأة لتستطيع تحمّل ثقل الجنين.

وهذا التّرابط بين وظيفة الإستروجين و تأثيره على الشّكل الخارجي قد يقدّم تفسيرا لم نرى المرأة السمينة جدا أو النحيلة جدا غير جميلة، ذلك لفقدان العامل الأول في الجمال، و هو الخصوبة.

– كما يقول علم النفس أن إدراكنا للجمال يعتمد على عدة عوامل منها:

القرب: و هنا نعني القرب المادّي و الجيولوجي، و هذا بسبب “مؤثر لمجرد التعرض” و هو الشعور بإيجابية تجاه محفز ما إذا تم تكراره، سواء كان ذلك إنسان أو أكل معين أو أغنية أو موضة..الخ، فكلما تعرضنا للمؤثر كلما تقبّلناه أكثر.

المشاعر: فقد نشعر أن مؤثّر ما جميل أو بشع فقط لمجرّد المشاعر التي تأتينا من اتجاهه.

– أما من ناحية علمية، فتحدثنا عن النّسبة الذهبية. وهي نسبة موجودة في الإنسان و لها ترابط كبير في تناسق تقاطيع الجسد. فكلما كانت تقاطيع الجسد أقرب للنّسبة الذّهبية، كلما كانت متناسقة أكثر، كلما كانت أجمل.

– ثم تحدّثنا عن الإعلام و دوره في تعيين معايير الجمال في المجتمع و العالم، و تحدثنا عن التطور المريب في تصوير المرأة في الإعلام، حيث كانت في الزمن القديم تصور كامرأة سمينة (حسب معايير مجتمعنا الحالي)، خصوصا في منطقة الورك و الصدر، بينما حافظت على خصر نحيل، ثم استمر التغيير في تصويرها حتى وصلنا لوقتنا الحالي، حيث تصور كامرأة نحيلة جدا.

و ناقشنا هنا فكرة أن هذا التطور مرتبط بكيف يرى المجتمع المرأة، حيث كان يراها في الزمن القديم كالأم و المربية و المسؤولة عن الانجاب، فكان ما يدل على خصوبتها هو حجم وركها و صدرها.

أما في عصرنا، فالنظرة الجنسيّة للمرأة ازدادت، ودورها في الإنجاب لم يعد الدّورالأساسي التي تشتهر به، و ذلك لعدة عوامل منها خروجها إلى العمل، و هذا أثّر على الإعلام و طريقة عرضه للمرأة، فأصبح يعرضها بطريقة جنسيّة بحتة.

و هنا أشرنا أيضا إلى أن المجلات، سواء أكانت موجه نحو المرأة أم الرجل، هي تحتوي على صور المرأة في 99% من الصفحات، رغم أننا قد نظن أن المجلّات الموجه للمرأة يجب أن تحتوي على صور رجال.

و كما أشرنا أيضا إلى استخدام المرأة في السّلع و الدعايات و كل ما يراد الترويج له، و مدى فعاليّة ذلك.

هذه الأمور جعلتنا نؤمن بمدى أهمية جمال المرأة و المشاكل التي تحوم حوله، و الأهم، انتقلنا إلى السؤال:

هل تقبّل أنوثني معناه أن أتقبّل جسدي؟ هل تحرّر المرأة من قيود الجسد يكون بتغطيته أم عرضه بأي شكل كان؟

– عرضنا هنا تجربة سوزان فسك، حيث عرضت على مجموعة من الشباب صور لنساء لا يرتدين إلا البيكيني، و قامت بدراسة تخطيط الدّماغ لهم، فوجدت أن استجابة الرجل للمرأة التي تلبس البيكيني يحفز مناطق استخدام أفعال بصيغة المتكلم، مثل “أنا أعمل، أنا أمسك…الخ”، أما المنطقة التي تثبط تماما هي المنطقة المسؤولة عن إدراك الشخص المقابل كإنسان، و هذا مفاجئ لأن تثبيط هذه المنطقة من الدّماغ إلى درجة الصفر نادر جدا.

إذا، هنا وجب طرح السؤال عن معنى الحشمة، التواضع، الكرامة.

فوجدنا في بحثنا أنه هو أي لبس و سلوك يكون القصد منه الابتعاد عن الجاذبية الجنسية.

و يعتمد مدى الحشمة على الكثير من العوامل ك”نظريّة القرف” و الاستحياء و طبيعة المجتمع الذي نعيش فيه. فردة فعل المجتمع لما نرتديه له تأثير كبير علينا، حيث إن طبيعة الإنسان و المرأة بشكل خاص تتأثر باعجاب من حولها بمظهرها الخارجي .

اتّفق المعظم على أهميّة الحشمة، خصوصا بعدما ناقشناه من تأثير الإعلام على معايير الجمال و تجربة سوزان فسك و غيرها، كلها أثبتت أن هناك تركيز خاص على جمال المرأة يمكن لمسه من دون أي منازع، و أن هذا الجمال قد يتم ادراكه بطريقة صحيّة أو يتم استخدامه لأسباب لا تليق به. و هو أمر قد نستطيع السيطرة عليه بلبسنا، أما مقدار الحشمة و إلى أي مدى يجب أن تغطّي المرأة جسدها ؟

عموما كان الرّأي أنه يعود للمجتمع التي تعيش به و إلى معتقداتها

و كان السّؤال الأخير في اللقاء:

هل هناك تقبل من المرأة للغريزتها الجنسية و تقبّل مجتمعنا لهذه الغريزة؟ واتفق المعظم على عدم وجود هذا التّقبل، بل اصرار المجتمع على وضع المرأة في قالب التقشف، ووجود الازدواجية في التعامل بين الرجل و المرأة في مجتمعنا.

عرض البعض فكرة أن تثبيط هذه الغريزة قد لا يكون أمرا صحيا. و البعض منا ركز على أهمية تحميل الرجل مسؤولية الغريزة كما تحملها للمرأة.

نهاية، اختتمنا بنصيحة موجه لجميع الحاضرين:

و هي أن دورنا كنساء في هذا العصر مرتبط جدا بدورنا في المستقبل. و اتفقنا جميعا على أن لا نعطي الجمال الخارجي الهوس الذي يوجّهه الإعلام ، خصوصا من هنّ في سن الزواج. فيجب أن ننقل المعرفة بدورنا كأمّهات على تحديد هذا الإهتمام و المفاضلة بالإهتمام بالجمال الدّاخلي على الخارجي كعلمها و شخصيّتها التّي تكرّس في كل جوانب الحياة، و أن معايير الجمال مسألة شخصيّة بحتة، و لا تمت لأحكام المجتمع بصلة .

______

ميراكي، انثى تثمن جمالها أولا .. وجمال من حولها ثانيا.